الواقعية والشعر الجديد
(1) ما أسباب نشأة
المدرسة الواقعية في العالم العربي ؟
ظلت الرومانتيكية مسيطرة على الشعر العربي حتى نهاية الحرب
العالمية الثانية سنة 1945 م، حتى جدّت على حياتنا العربية عوامل سياسية
واجتماعية واقتصادية وثقافية، خففت من اتجاه الشعراء إلى الرومانتيكية ووجهتهم
وجهة واقعية بنسب متفاوتة فيما بينهم، وتعبيراً عن فكرهم المنطلق بدءوا في تحرير
الشعر من وحدة البحر ووحدة القافية في القصيدة، ومن المساواة
بين شطري البيت وألغوا نظام الشطرين وعدد التفعيلات في كل بيت.
(2) ما خصائص هذه المدرسة من
حيث المضمون والموضوع ؟
- الشعر تعبير عن حيرة إنسان القرن العشرين بين
الرغبة في الكسب المادي الزائل والتمسك بالقيم الخالدة ، كقول محمد إبراهيم أبو
سنة في قصيدة (أسئلة الأشجار):
سأَلَتْني في الليلِ الأشجارْ
أن
نُلْقِيَ أنفُسَنا في التيَّارْ
سألَتْنِي
أنْ أختارْ
قُلْتُ
أحاورُ قلبي
ما معنَى
الجنَّةِ يا قلبي ؟
قال :
تجَوَّلْ في نفْسِكَ حتى تصِلَ إلى الإنسان .
- الشعر تعبير عن الواقع بوجوهه المختلفة من فرح وحزن
وتقدم وتخلف وصراع ما بين العدل والظلم والحرية والعبودية ومتناقضات الحياة كقول
صلاح عبد الصبور في قصيدته (فصول مُنتزَعة) :
جاءَ الزمنُ الوغد .
صَدِئَ الغمد .
وتشَقَّقَ جلدُ المقبضِ ثمَّ تخَدَّد
آه يا وطني .
- يشيع في شعرهم الحديث عن النهاية والموت ،
يقول الشاعر العراقي بدر شاكر السياب في قصيدته : (ليلة وداع - إلى زوجتي الوفية)
:
أوصدي الباب فدنيا لست فيها
ليس تستأهل من عيني نظرة
سوف تمضين وأبقى أي حسرة ؟
- التجربة الشعرية لم تقتصر علي العاطفة فقط بل
جمعت إلي جانب ذلك مواقف الإنسان من الكون والتاريخ والرمز الهادف
وقضايا الوطن وإحياء التراث ، يقول صلاح عبد الصبور :
قَدْ آنَ للشُّعَاعِ أَنْ يَغِيْبْ
قَدْ آنَ للغَرِيْب أَنْ يَؤُوْب
مستوحياً قول الشاعر الجاهلي عَبيد بن الأبرَص :
وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ وَغائِبُ
المَوتِ لا يَؤوبُ
(3) ما خصائص هذه المدرسة من حيث التجديد في الشكل والبناء
الشعري ؟
- استخدام اللغة الحية القريبة من كلام الناس،
وترى ذلك في عناوين دواوينهم كديوان (الناس في بلادي) لصلاح عبد الصبور، واستخدامه لكلمات مثل(وكان
ياما كان - وأنام على حجر أمي)
- الاهتمام بالصور الكلية الممتدة، وعدم
الاقتصار على الصور الجزئية من تشبيه واستعارة وكناية، والإغراق في الرمز مما
أدي شيء من الغموض في تجاربهم الشعرية .
- القصيدة وحدة موضوعية تتعاون فيها الأفكار
والعواطف والصور والموسيقى في بناء هندسي متطور .
- التحرر من وحدة البحر ووحدة القافية ، والاكتفاء بوحدة التفعيلة دون
ارتباط بعدد معين منها في كل سطر، فقد يتكون السطر من تفعيلة واحدة أو أكثر دون
شرط التساوي بين السطور، ولهذا سمى "السطر الشعري" وليس البيت الشعري"؛ ليتفادوا
الرتابة والملل في القصيدة التقليدية .
- الاعتماد على الموسيقى الداخلية المتمثلة في
اختيار الألفاظ والصور الموحية والملائمة للموضوع وللجو النفسي .
- تقسيم القصيدة إلى مقاطع ، كل مقطع يمثل دفقة شعورية جديدة .
(4) ماذا يقصد
بشعر التفعيلة ؟ وما الفرق بينه وبين الشعر التقليدي من حيث
القدرة على التعبير عن أحاسيس الشاعر وأفكاره ؟
شعر التفعيلة يعتمد
على اتخاذ " التفعيلة " وحدة القصيدة بدون التزام عدد معين
منها، فقد يقوم السطر الشعري على تفعيلة واحدة أو اثنتين أو أكثر بدون قيود، أما
الشعر التقليدي فيكرر التفعيلة بعدد محدد متساو في كل شطر وفي كل
بيت، فيتكون من ذلك البحر.
(5) أسرف بعض شعراء المدرسة الجديدة في استخدام اللغة
العامية والكلمات الأجنبية . وضح ذلك مبيناً دوافعهم إلى هذا الإسراف ، ثم اذكر موقف
النقاد من هذا الاتجاه .
أكثر بعضهم من استخدام لغة قريبة من لغة الحياة؛
ليخففوا من سيطرة اللغة الكلاسيكية والمعجمية في الأسلوب؛ لأن الأسلوب - في رأيهم - وسيلة لا غاية، ومن
أمثلة ذلك " كان
ياما كان - إلي اللقاء - شربت شايًا في الطريق" ، ولكن النقاد عابوا ذلك لأنه مبتذل يهبط بمستوى الشعر
الذي هو فن جميل .
(6) ما الذي حاول شعراء المدرسة الجديدة أن يبعدوا
عنه في أسلوبهم الشعري ؟
حاولوا أن يبتعدوا عن المبالغة في العناية بالأسلوب
والتقريرية والخطابية والتعبير المباشر؛ لأن الأسلوب - في رأيهم - وسيلة لا غاية،
والأهمية كلها للمنطق والطريقة التي تسود الأحداث والتعبير عنها .